"مأساة اللاجئين الأزواديين: معاناة مستمرة وصمت عالمي مريب"

صورة من مخيم امبرا 

في يوم اللاجئ العالمي، يقف العالم بأسره مهيبًا أمام حقيقة مؤلمة تتجلى في معاناة اللاجئين الأزواديين، الذين بلغ عددهم الملايين وتفرقوا في أنحاء موريتانيا والجزائر. هؤلاء المدنيين الازواديين، الذين هجرتهم الظروف القاسية والطغاة العتاة، يواجهون في كل يوم مصيرًا مجهولًا ومعاناة لا تنتهي.

منذ نشأة مالي، لم تعرف أزواد طعم السلام، فقد أُهملت من قبل الحكومة المركزية التي لم تعبأ بتطوير بنيتها التحتية أو تحسين ظروف عيش سكانها. إنهم يعيشون تحت رحمة الجفاف المدمر والإرهاب العنيف. في كل زاوية من أرض أزواد، تتجسد قصص مروعة من الذبح والتعذيب وقطع الرؤوس، ما يجعل الحزن والشقاء رفيقيهم الدائمين.

في الساعات الأولى من الصباح، وبينما كان اللاجئون يتجمعون في مخيم امبرا بموريتانيا، تكتسي وجوههم باليأس، وتملأ قلوبهم الحزن. يعاني هؤلاء الأبرياء من القهر والجوع والعطش، رغم جهود المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لإدارة المخيم. تعصف بهم رياح الفساد وسوء التوزيع، مما يحرمهم من أبسط احتياجاتهم.

تتحدث العيون لغة لا تخطئها عين، تروي قصصًا من المعاناة والهجرة القسرية. فمنذ استقلال مالي، تعرضت أزواد لأشكال متعددة من الظلم والاستبداد، حيث اتبعت الحكومة استراتيجيات قمعية للاستيلاء على الأراضي، مما دفع بآلاف العائلات إلى الفرار نحو جنوب الجزائر وليبيا،وشرق موريتانيا وغرب النيجر بحثًا عن الأمان المفقود.

ومع حلول التسعينيات، ازدادت الأوضاع سوءًا مع ظهور الجماعات الإرهابية المرتبطة بالقاعدة. بدأت هذه الجماعات ببسط سيطرتها على المنطقة بالقوة منذ عام 2012، ناشرة الرعب والخوف بين الأهالي، ومرتكبة موجات من العنف والاغتيالات والمجازر، التي أجبرت العديد على ترك قراهم ومعسكراتهم، والفرار نحو المدن أو الدول المجاورة.

إن معاناة اللاجئين الأزواديين في مخيم مبرا تجسد لوحة حزينة من البؤس والشقاء. بالرغم من إدارة المخيم من قبل الأمم المتحدة، يواجه اللاجئون ظروفًا قاسية، فالمياه الصالحة للشرب تكاد تكون معدومة، وإدارة الموارد تشوبها الفوضى. هذه الظروف تزيد من معاناتهم اليومية، وتثقل كاهلهم بأعباء لا تنتهي.

وفي وسط هذا الظلام، تظل أرواح الأزواديين صامدة، تنتظر بزوغ فجر جديد يعيد لهم الأمن والسلام، ويخفف من معاناتهم التي لا يعرفها إلا من عاشها. إنهم بحاجة إلى تضامن العالم ودعمه، ليس فقط في يوم اللاجئ العالمي، بل في كل يوم، حتى يعودوا إلى ديارهم بسلام وكرامة.

ولكن، في هذه المعاناة التي لا توصف، يبقى الإعلام العالمي صامتًا، كأنه لا يرى ولا يسمع. يمر المجتمع الدولي أيضًا بصمت مريب، مكتفيًا بالمشاهدة من بعيد، دون أن يحرك ساكنًا. هذا الصمت يزيد من آلام اللاجئين، ويجعلهم يشعرون بأنهم منسيون، يعيشون في زوايا النسيان حيث لا يصلهم صوت ولا ضوء.